صدى

ما هو الأثر الحقيقي الذي يتركه القائد؟ هل هو قوة صوته أم صدى كلماته؟
​في عالم الأعمال، نركز غالباً على الصوت: القرارات الصارمة، الأوامر الواضحة، والإنجازات الملموسة. ولكن الأثر الأعمق والأبقى غالباً ما يكون صدىً غير مسموع، يسافر بعيداً ليلامس القلوب والعقول 
​الكائنات تعبر عن مكنوناتها بالكلام، الشعر، المقال، والأغاني، حسب حالتها. كما يعبر الرضيع بصراخه عن ألمه، وجوعه، وفقدانه للحنان. فكيف يمكن أن نتخيل عالماً أبكماً بلا صوت، بلا صدى لهذا الصوت؟ وصوت الكلمة، أي نبرتها، وحدتها، ومعناها، وصداها هو أثير يوصل لنا معاني لم تُقل، وآثاراً تتمدد كتمدد الأمواج على الشطآن. وهل يعقل أن يكون الصدى أشد تأثيراً من الصوت نفسه، كما يكون التلميذ أبدع من أستاذه، فالفرع أحياناً يتفوق على الأصل؟
​لكن في هذا المقام، يتغلب الصدى والتأثير على الصوت نفسه، لأنه دائم وليس لحظياً. وما يتصف بالدوام لا يمكن للعقل إلا أن يتشبث به، فيصبح تجربة وفكرة وذكرى وقناعة وربما قاعدة. فكم من إنسان قد أغرف وسادته بالدموع لذكرى، وكم من ابتسامة ارتسمت على الوجه لذكرى. وكم من كلمة كانت كوخز الإبر، ألمها لا يزول.
​وهل نعيش إلا الذكريات من الولادة حتى الممات؟ وما الذكريات إلا كلمات وابتسامات وإشارات. والجاهل من يظن أن الأثر يمضي، نعم إنه يمضي في دهاليز العقل وشغاف القلب، حيث هناك الصندوق الأسود الذي لا يعلم به أحد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نسبيةُ الوجود: شروقٌ يَبني وشروقٌ يَهدم

تأثير الكوبرا.. حين تُصبح الحلول جرحًا في ناصية القلب

الوعي غير المُفعَّل: صراع الإدراك وفخ العادة